بعضهن يبحثن عن جسد أجمل من أجل فرصة زواج أفضل.. وبعضهن زوجات بالفعل لكنهن يرغبن في تقديم مفآجات مغربة لأزواجهن بـ"نبو لوك جديد"..
مقدمة شائعة لنوع من الداخلات إلى غرف عمليات جراحات التجميل، لكن هذا لا ينفي أن هناك من يحتجن إليها بشدة، وأن هذه العمليات عندما يجربها المتخصصون وفي ظل شروط واعتبارات طبية، تكون نتيجتها حياة جديدة مختلفة وسعيدة.
في المغرب انتقد أخصائيون في جراحة التجميل والتقويم تعاطي أطباء غير مختصين لهذا المجال الذي يحتاج كفاءة ودقة لا يتوفرون عليهما، وذلك على إثر وفاة شابة مغربية أجرت أخيرا عملية جراحية تجميلية على أنفها في إحدى مصحات الدار البيضاء، فوافتها المنية بسبب جرعة زائدة في التخدير.
واستنكر أطباء الجمعية المغربية لجراحة التجميل ما تعرض له بعض طالبي الرشاقة والتجميل، خاصة النساء منهم، من مضاعفات صحية ونفسية تكون خطيرة أحيانا، بسبب أخطاء مهنية ارتكبها أطباء "غير مختصين في الجراحة التجميلية والتقويمية".
ويتردد بعض ضحايا عمليات الجراحة التجميلية والتقويمية بالمغرب في رفع قضايا على أطبائهم بدافع الإحراج الذي يشعرون به، أو بسبب طابع السرية أحيانا عند البعض الآخر، فيما يصر آخرون على رفع قضايا أمام المحاكم لجبر الضرر النفسي والمادي الذي لحقهم جراء إتباعهم خيط "الأمل" في الحصول على جسد جديد وجميل.
من التجميل ما قتل
وتعد حالة وفاء عسلي، في ربيعها الثاني والعشرين، الضحية الثانية لعمليات الجراحة التجميلية بالمغرب، والتي شابتها أخطاء جسيمة أودت بحياتها بسبب حقنة تخدير زائدة قُبيل الشروع في العملية الجراحية، لتُضاف إلى شابة أخرى تدعى كريمة لم تحقق أمنيتها في شفط الدهون ببطنها، وتوفيت في عيادة مختصة في الأمراض الجلدية والتناسلية، وليس في عيادة مختصة في الجراحة التجميلية والتقويمية.
وفي حالتي وفاء وكريمة، قررت أسرتاهما مقاضاة الأطباء المشرفين على تلك العمليات التجميلية أمام المحاكم رغم نفي هؤلاء للمسؤولية ومحاولة تحميلها لعوامل أخرى، من قبيل تناول الضحية لأدوية معنية قبل إجراء العملية مما يعرضها لمخاطر محدقة بحياتها.
وهناك حالات كثيرة أخرى لضحايا عمليات تجميل خاطئة لم تصل إلى حد الوفاة، ولكن تعرضت لتشوهات أو لندوب غائرة في المناطق التي خضعت للجراحة، خاصة في مناطق البطن والصدر والأرداف والوجه مثل الشفتين والأنف وجفون العينين.
وفي هذه الحالات، يتردد بعض طالبي التجميل في متابعة الطبيب المشرف بسبب خشيتهم من الوقوع في الحرج أمام المجتمع ومحيطهم القريب، أو بسبب طابع الكتمان الذي أجروا فيه عملية التجميل، مثل حالة سيدة ثرية في إحدى المدن المغربية. وقد تعرضت هذه المرأة لأزمة صحية صعبة بسبب خطأ في جرعة التخدير قبل إجرائها لعمليتي تجميل، واحدة لشفط الدهون من بطنها والثانية لتكبير ثدييها، من أجل مفاجأة سعيدة لزوجها الذي كان في رحلة لأداء العمرة، ولم يعلم بما كانت تخطط له زوجته.
شركات تجارية!
ودفع "تهافت" عيادات مختصة في مجالات جراحية أخرى على ميدان الجراحة التجميلية بالدكتور جلال المومني، أخصائي تجميل، إلى وصف كل عيادة أو مصحة لتخصصات علاجية معينة تقوم بعمليات الجراحة التجميلية بكونها مجرد شركات تجارية تبغي الحصول على الكثير من الأموال الطائلة.
وندد أخصائي التجميل بسلوكيات بعض العيادات التي تتجرأ على إجراء بعض عمليات التجميل من قبيل شفط الدهون أو تغيير شكل الأنف والشفتين، بنهج أسلوب إغراء الزبائن، خاصة النساء، من خلال عرضها لصور فنانات جميلات قصد اختيار نموذج الرشاقة والأنوثة الفياضة.
ونبه المومني طالبي الجمال عبر عمليات الجراحة بأن الجمال حقيقة نسبية لا يجب أن تكون هاجسا أمام البعض، مشيرا إلى أن الأخصائيين الأكفاء في هذا المجال الطبي الدقيق يرفضون أحيانا إجراء عمليات تجميل إذا لم تكن ضرورية أو لكونها من باب الترفيه وتقليد النجوم السينمائيين.
وبدوره حذر الدكتور فهد بنسليمان، أخصائي في جراحة التجميل وعضو الجمعية المغربية لجراحة التجميل، من وقوع بعض الراغبين في الجمال والتقويم الجسدي ضحية النصب والاحتيال من لدن أطباء دخلاء على المهنة وعيادات لا تشتغل ضمن هذا الاختصاص.
وشدد بنسليمان على ضرورة أن يأخذ المريض حذره وأن يسأل عن الأخصائي الذي يمتلك تجربة ولديه تمرس مهني في ميدان الجراحة التجميلية، مردفا أن هناك من الأطباء من يدعي أنه اختصاصي في هذا الباب لكنه لا يتوفر على الكفاءة اللازمة لممارسة جراحة التجميل.
وأوضح الأخصائي بأن الجراحة التجميلية صارت محط جذب لمحتالين من الأطباء غير المؤهلين أو المتخصصيت يشتغلون بأدوات رخيصة الثمن تأتي من الصين، الأمر الذي قد يخلق تداعيات وتأثيرات غير متوقعة على صحة المريض وجسده ونفسيته.